فصل: معظم مقصود السّورة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة لقمان:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
فيه الأَحاديث الضعيفة التي منها حديث أُبي: «مَنْ قرًا سورة لقمان كان له لقمان رفيقًا يوم القيامة، وأُعطى من الحسنات بعدد مَنْ أَمر بالمعروف، ونَهَى عن المنكر».
وحديث علي: «يا علي مَنْ قرأَ لقمان كان آمنا من شدّة يوم القيامة، ومن هَوْل الصراط». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة لقمان مقصودها إثبات الحكمة للكتاب اللازم منه حكمة منزله سبحانه في أقواله وأفعاله، وقصة لقمان المسمى به السورة دليل واضح على ذلك كأنه سبحانه لما أكمل ما أراد من أول القرآن إلى آخره براءة التي هي سورة غزو الروم، وكان سبحانه قد ابتدأ القرآن بعد أم القرآن بنفي الريب عن هذا الكتاب، وأنه هدى للمتقين، واستدل على ذلك فيما تبعها من السور، من ابتدأ سورة يونس بعد سورة عزو الروم بإثبات حكمته، وأتبع ذلك دليله إلى أن ختم سورة الروم، ابتدأ دورا جديدا على وجه أضخم من الأول، فوصفه في أول هذه التالية للروم بما وصفه به في يونس التالية لغزو الروم، وذلك الوصف هو الحكمة وزاد أنه هدى وهداية للمحسنين، فهؤلاء أصحاب النهايات، والمتقون أصحاب البدايات. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {الم} لقمان:

السّورة مكّيَّة، سوى آيتين: {وَلَوْ أَنَّمَا في الأَرْض من شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ} إلى آخر الآيتين.
عدد آياتها ثلاث وثلاثون عند الحجازيّين، وأَربع عند الباقين.
وكلماتها خمسمائة وثمانٍ وأَربعون.
وحروفها أَلفان ومائة وعشر.
المختلف فيها آيتان: الم {مُخْلصينَ لَهُ الدّينَ}.
فواصل آياتها ظن مرد ومد نظر على الدال منها آية واحدة: {غَنيٌ حَميدٌ} وعلى الظَّاء آية: {عَذَابٌ غَليظٌ}.
سمّيت سورة لقمان لاشتمالها على قصّته.

.معظم مقصود السّورة:

بشارة المؤمنين بنزول القرآن، والأَمر بإقامة الصَّلاة، وأَداء الزَّكاة، والشكاية من قوم اشتغلوا بلَهْو الحديث، والشكاية من المشركين في الإعراض عن الحقّ، وإقامة الحجّة عليهم، والمنَّة على لقمان بما أُعطى من الحكمة، والوصيّة ببرّ الوالدين، ووصية لقمان لأَولاده، والمنَّة بإسباغ النعمة، وإلزام الحجّة على أَهل الضَّلالة، وبيان أَنَّ كلمات القرآن بحور المعاني، والحجّة على حَقّيَّة البَعْث، والشكاية من المشركين بإقبالهم على الحقّ في وقت المحْنة، وإعراضهم عنه في وقت النعمة، وتخويف الخَلْق بصعوبة القيامة وهَوْلها، وبيان أَنَّ خمسة علوم ممَّا يختصّ به الرّبّ الواحد تعالى في قوله: {إنَّ اللَّهَ عندَهُ علْمُ السَّاعَة} إلى آخرها.

.النَّاسخ والمنسوخ:

فيها من المنسوخ آية واحدة {وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ} م آية السّيف ن. اهـ.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة لقمان:
342- مسألة:
قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإنْسَانَ بوَالدَيْه} تقدم في العنكبوت.
343- مسألة:
قوله تعالى: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ منْ دُونه الْبَاطلُ} تقدم في الحج.
344- مسألة:
قوله تعالى: {كُلٌّ يَجْري إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} وفى فاطر جوابه:
والزمر: {كُلٌّ يَجْري لأَجَلٍ مُسَمًّى}؟ جوابه:
لما تقدم هنا ذكر البعث والنشور بقوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ} الآية وبعدها: {وَاخْشَوْا يَوْمًا} ناسب مجىء إلى الدالة على انتهاء الغاية لأن القيامة غاية جريان ذلك.
وفاطر والزمر تقدمها ذكر نعم الله تعالى بما خلق لمصالح الخلق فناسب المجىء باللام بمعنى: لأجل والله أعلم. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

المتشابهات التي في سورة لقمان:
قوله: {كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ في أُذُنَيْه وَقْرًا} وفى الجاثية {كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشّرْهُ} زاد في هذه السورة {كَأَنَّ في أُذُنَيْه وَقْرًا} جلّ المفسرين على أَنَّ الآيتين نزلتا في النَضْر بن الحارث.
وذلك أَنَّه ذهب إلى فارس، فاشترى كتاب كليلة ودمْنة، وأَخبار رُسْتُم وإسفَنْديار، وأَحاديث الأَكاسرة، فجعل يرويها ويحدّث بها قُريشًا، ويقول: إنَّ محمدًا يحدّثكم بحديث عاد، وثمود، وأضنا أُحدّثكم بحديث رُسْتم وإسفنديار، ويستملحون حديثه، ويتركون استماع القرآن فأنزل الله هذه الآيات، وبالغ في ذمه؛ بتركه استماع القرآن فقال: {كَأَنَّ في أُذُنَيْه وَقْرًا} أي صَمَمًا، لا يقرع مَسامعه صوت.
ولم يبالغ في الجاثية هذه المبالغة؛ لمَا ذكر بعده {وَإذَا عَلمَ منْ آيَاتنَا شَيْئًا} لأَنَّ ذلك العلم لا يحصل إلاَّ بالسّماع، أَو ما يقوم مقامه: من خطٍّ وغيره.
قوله: {يَجْري إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} وفى الزّمر {لأَجَلٍ} قد سبق شَطْر من هذا.
ونزيد بيانًا أَن إلى متَّصل بآخر الكلام، ودالّ على الانتهاء، واللام متَّصلة بأَوّل الكلام، ودالَّة على الصّلة. اهـ.

.قال الكَرْماني:

سورة لقمان:
394- قوله تعالى: {كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا} 7 وفي الجاثية: {كأن لم يسمعها فبشره} 8 زاد في هذه السورة {كأن في أذنيه} وقرأ جل المفسرين على أن الآيتين نزلتا في النضر بن الحارث وذلك أنه ذهب إلى فارس فاشترى كتاب كليلة ودمنة وأخبار رستم واسفنديار وأحاديث الأكاسرة فجعل يرويها ويحدث بها قريشا ويقول إن محمدا يحدثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار ويستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن فأنزل الله هذه الآيات وبالغ في ذمه لتركه استماع القرآن فقال: {كأن في أذنيه وقرأ} أي صمما لا يقرع مسامعه صوت ولم يبالغ في الجاثية هذه المبالغة لما ذكر بعده {وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا} 9 لأن العلم لا يحصل إلا بالسماع أو ما يقوم مقامه من خط أو غيره.
395- قوله: {كل يجري إلى أجل مسمى} 29 وفي الزمر {لأجل} 5 قد سبق شطر من هذا ونزيده بيانا أن إلى متصل بآخر الكلام ودال على الانتهاء واللام متصل بأول الكلام ودال على الصلة والسلام. اهـ.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال الألوسي:

سورة لقمان:
13- أخرج ابن الضريس وإبن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: أنزلت سورة لقمان بمكة ولا استثناء في هذه الرواية وفي رواية النحاس في تاريخه عنه استثناء ثلاث آيات منها وهي {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} إلى تمام الثلاث فإنها نزلن بالمدينة وذلك أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما هاجر قال له أحبار اليهود: بلغنا أنك تقول: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا أعنيتنا أم قومك قال: كلا عنيت فقالوا: إنك تعلم أننا أوتينا التوراة وفيها بيان كل شيء فقال عليه الصلاة والسلام: ذلك في علم الله تعالى قليل فأنزل الآيات.
ونقل الداني عن عطاء وأبو حيان عن قتادة أنهما قالا: هي مكية إلا آيتين هما {ولو أن ما في الأرض} إلى آخر الآيتين وقيل: هي مكية إلا آية وهي قوله تعالى: {الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة} فإن إيجابهما بالمدينة وأنت تعلم أن الصلاة فرضت بمكة ليلة الإسراء كما في صحيح البخاري وغيره فما ذكر من أن إيجابها بالمدينة غير مسلم ولو سلم فيكفي كونهم مأمورين بها بمكة ولو ندبا فلا يتم التقريب فيها نعم المشهور أن الزكاة إيجابها بالمدينة فلعل ذلك القائل أراد أن إيجابهما معا تحقق بالمدينة لا أن إيجاب كل منهما تحقق فيها ولا يضر في ذلك أن إيجاب الصلاة كان بمكة وقيل: إن الزكاة إيجابها كان بمكة كالصلاة وتقدير الأنصباء هو الذي كان بالمدينة وعليه لا تقريب فيهما وآيها ثلاث وثلاثون في المكي والمدني وأربع وثلاثون في عدد الباقين.
وسبب نزولها على ما في البحر أن قريشا سألت عن قصة لقمان مع ابنه وعن بر والديه فنزلت ووجه مناسبتها لما قبلها على ما فيه أيضا أنه قال تعالى فيما قبل: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل} وأشار إلى ذلك في مفتتح هذه السورة وأنه كان في آخر ما قبلها {ولئن جئتهم بآية} وفيها {وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا} وقال الجلال السيوطي: ظهر لي في اتصالها بما قبلها مع المؤاخاة في الافتتاح بأن قوله تعالى: {هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون} متعلق بقوله تعالى فيما قبل: {وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث} الآية فهذا عين إيقانهم بالآخرة وهم المحسنون الموصوفون بما ذكر وأيضا ففي كلتا السورتين جملة من الآيات وابتداء الخلق.
وذكر في السابقة في {روضة يحبرون} وقد فسر بالسماع وذكر هنا {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} وقد فسر بالغناء وآلات الملاهي.
وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام في ذلك وأقول في الاتصال أيضا: إنه قد ذكر فيما تقدم قوله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} وهنا قوله سبحانه: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} وكلاهما يفيد سهولة البعث وقرر ذلك هنا بقوله عز قائلا: {إن الله سميع بصير} وذكر سبحانه هناك قوله تعالى: {وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون} وقال عز وجل هنا: {وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد} فذكر سبحانه في كل من الآيتين قسما لم يذكره في الأخرى إلى غير ذلك.
وما ألطف هذا الاتصال من حيث أن السورة الأولى ذكر فيها مغلوبية الروم وغلبتهم المبنيتين على المحاربة بين ملكين عظيمين من ملوك الدنيا تحاربا عليها وخرج بذلك عن مقتضى الحكمة فإن الحكيم لا يحارب على دنيا دنية لا تعدل عند الله تعالى جناح بعوضة وهذه ذكر فيها قصة عبد مملوك على كثير من الأقوال حكيم زاهد في الدنيا غير مكترث بها ولا ملتفت إليها أوصى إبنه بما يأبى المحاربة ويقتضي الصبر والمسالمة وبين الأمرين من التقابل ما لا يخفى. اهـ.

.قال ابن عاشور:

سورة لقمان:
سميت هذه السورة بإضافتها إلى لقمان لأن فيها ذكر لقمان وحكمته وجملا من حكمته التي أدب بها ابنه.
وليس لها اسم غير هذا الاسم، وبهذا الاسم عرفت بين القراء والمفسرين.
ولم أقف على تصريح به فيما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسند مقبول.
وروى البيهقي في دلائل النبوة عن ابن عباس: أنزلت سورة لقمان بمكة.
وهي مكية كلها عند ابن عباس في أشهر قوليه وعليه إطلاق جمهور المفسرين وعن ابن عباس من رواية النحاس استثناء ثلاث آيات من قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا في الْأَرْض منْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} إلى قوله: {بمَا تَعْمَلُونَ خَبيرٌ} [لقمان: 27- 29].
وعن قتادة إلا آيتين إلى قوله: {إنَّ اللَّهَ سَميعٌ بَصيرٌ} [لقمان: 28] وفي تفسير الكواشي حكاية قول إنها مكية عدا آية نزلت بالمدينة وهي {الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بالْآخرَة هُمْ يُوقنُونَ} [لقمان: 4] قائلا لأن الصلاة والزكاة فرضت بالمدينة.
ورده البيضاوي على تسليم ذلك بأن فرضها بالمدينة لا ينافي تشريعها بمكة على غير إيجاب.
والمحقوق يمنعون أن تكون الصلاة والزكاة فرضتا بالمدينة، فأما الصلاة فلا ريب في أنها فرضت على الجملة بمكة، وأما الزكاة ففرضت بمكة دون تعيين أنصباء ومقادير، ثم عينت الأنصباء والمقادير بالمدينة.
ويتحصل من هذا أن القائل بأن آية {الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} إلى آخرها نزلت بالمدينة قاله من قبل رأيه وليس له سند يعتمد كما يؤذن به قوله لأن الصلاة والزكاة. إلخ.
ثم هو يقتضي أن يكون صدر سورة النازل بمكة {هُدىً وَرَحْمَةً للْمُحْسنينَ} [لقمان: 3] {أُولَئكَ عَلَى هُدىً منْ رَبّهمْ} [لقمان: 5] إلخ ثم ألحق به {الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بالْآخرَة هُمْ يُوقنُونَ} [لقمان: 4].
وأما القول باستثناء آيتين وثلاث فمستند إلى ما رواه ابن جرير عن قتادة وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا في الْأَرْض منْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} [لقمان: 27] إلى آخر الآيتين أو الثلاث نزلت بسبب مجادلة كانت من اليهود أن أحبارهم قالوا: يا محمد أرأيت قوله: {وَمَا أُوتيتُمْ منَ الْعلْم إلَّا قَليلًا} [الإسراء: 85] إيانا تريد أم قومك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا أردت.
قالوا: ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها في علم الله قليل، فأنزل الله عليه {وَلَوْ أَنَّمَا في الْأَرْض منْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} الآيات.
وذلك مروي بأسانيد ضعيفة وعلى تسليمها فقد أجيب بأن اليهود جادلوا في ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بأن لقنوا ذلك وفدا من قريش إليهم إلى المدينة، وهذا أقرب للتوفيق بين الأقوال.
وهذه الروايات وإن كانت غير ثابتة بسند صحيح إلا أن مثل هذا يكتفي فيه بالمقبول في الجملة.
قال أبو حيان: سبب نزول هذه السورة أن قريشا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة لقمان مع ابنه، أي سألوه سؤال تعنت واختبار.
وهذا الذي ذكره أبو حيان يؤيد تصدير السورة بقوله تعالى: {وَمنَ النَّاس مَنْ يَشْتَري لَهْوَ الْحَديث} [لقمان: 6].
وهذه السورة هي السابعة والخمسون في تعداد نزول السور، نزلت بعد سورة الصافات وقبل سورة سبأ.
وعدت آياتها ثلاثا وثلاثين في عد أهل المدينة ومكة، وأربعا وثلاثين في عد أهل الشام والبصرة والكوفة.
أغراض هذه السورة:
الأغراض التي اشتملت عليها هذه السورة تتصل بسبب نزولها الذي تقدم ذكره أن المشركين سألوا عن قصة لقمان وابنه، وإذا جمعنا بين هذا وبين ما سيأتي عند قوله تعالى: {وَمنَ النَّاس مَنْ يَشْتَري لَهْوَ الْحَديث} [لقمان: 6] من أن المراد به النضر بن الحارث إذ كان يسافر إلى بلاد الفرس فيقتني كتب اسفنديار ورستم وبهرام، وكان يقرؤها على قريش ويقول: يخبركم محمد عن عاد وثمود وأحثكم أنا عن رستم واسفنديار وبهرام، فصدرت هذه السورة بالتنويه بهدى القرآن ليعلم الناس أنه لا يشتمل إلا على ما فيه هدى وإرشاد للخير ومثل الكمال النفساني، فلا التفات فيه إلى أخبار الجبابرة وأهل الضلال إلا في مقام التحذير مما هم فيه ومن عواقبه، فكان صدر هذه السورة تمهيدا لقصة لقمان، وقد تقدم الإلماع إلى هذا في قوله تعالى في أول سورة يوسف (3) {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَص} ونبهت عليه في المقدمة السابعة بهذا التفسير.
وانتقل من ذلك إلى تسفيه النضر بن الحارث وقصصه الباطلة.
وابتدئ ذكر لقمان بالتنويه بأن آتاه الله الحكمة وأمره بشكر النعمة.
وأطيل الكلام في وصايا لقمان وما اشتملت عليه: من التحذير من الإشراك، ومن الأمر ببر الوالدين، ومن مراقبة الله لأنه عليم بخفيات الأمور، وإقامة الصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر، والتحذير من الكبر والعجب، والأمر بالاتسام بسمات المتواضعين في المشي والكلام.
وسلكت السورة أفانين ذات مناسبات لما تضمنته وصية لقان لابنه، وأدمج في ذلك تذكير المشركين بدلائل وحدانية الله تعالى وبنعمه عليهم وكيف أعرضوا عن هديه وتمسكوا بما ألفوا عليه آباءهم.
وذكرت مزية دين الإسلام.
وتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم بتمسك المسلمين بالعروة الوثقى، وأنه لا يحزنه كفر من كفروا.
وانتظم في هذه السورة الرد على المعارضين للقرآن في قوله: {وَلَوْ أَنَّمَا في الْأَرْض منْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} [لقمان: 27] وما بعدها.
وختمت بالتحذير من دعوة الشيطان والتنبيه إلى بطلان ادعاء علم الغيب. اهـ.